الأمثال .. هل تعرف قصتها ..

الحسي

رحّال الشبكة
إن من البيان لسحراً
قاله النبي صلى الله عليه وسلم حين وفد عليه عمرو بن الأهتم والزبرقان فقال بن بدر وقيس ابن عاصم فسأل عليه الصلاة والسلام عمرو بن الأهتم عن الزبرقان فقال عمرو: مطاع في أدنيه شديد العارضة مانع لما وراء ظهره فقال الزبرقان: يا رسول الله إنه ليعلم مني أكثر من هذا ولكنه حسدني فقال عمرو: أما والله إنه لزمر المروءة ضيق العطن أحمق الوالد لئيم الخال والله يا رسول الله ما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الأخرى ولكني رجل رضيت فقلت أحسن ما عملت وسخطت فقلت أقبح ما وجدت. فقال عليه الصلاة والسلام: إن من البيان لسحراً. يعني أن بعض البيان يعمل عمل السحر؛ ومعنى السحر إظهار الباطل في صورة الحق، والبيان اجتماع الفصاحة والبلاغة وذكاء القلب مع اللسن وإنما شبه بالسحر لحدة عمله في سمامعه وسرعة قبول القلب له يضرب في استحسان المنطق وإيراد الحجة البالغة.
 

الحسي

رحّال الشبكة
إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب
هذا من كلام عمران بن حصين. والمعاريض جمع المعراض يقال عرفت ذلك في معراض كلامه أي في فحواه قلت أجود من هذا أن يقال التعريض ضد التصريح وهو أن يلغز كلامه عن الظاهر فكلامه معرض والمعاريض جمعه ثم لك أن تثبت الياء وتحذفها والمندوحة السعة وكذلك الندحة يقال إن في كذا ندحة أي سعة وفسحة. يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب.
 

الحسي

رحّال الشبكة
إن وراء الأكمة ما وراءها
أصله أن أمة واعدت صديقها أن تأتيه وراء الأكمة إذا فرغت من مهنة أهليها ليلاً فشغلوها عن الإنجاز بما يأمرونها من العمل فقالت حين غلبها الشوق حبستموني وإن وراء الأكمة ما وراءها يضرب لمن يفشي على نفسه أمراً مستوراً.

لاحظ أننا نستخدمه في غير ما ضرب له
 

الحسي

رحّال الشبكة
إذا حككت قرحة أدميتها
يحكى هذا عن عمرو بن العاص، وقد كان اعتزل الناس في آخر خلافة عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه، فلما بلغه حصره ثم قتله، قال: إنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة أدميتها. روي عن عامر الشعبي أنه كان يقول الدهاة، أربعة: معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وزياد بن أبيه.
 

الحسي

رحّال الشبكة
الحديث ذو شجون

أسعد أم سعيد

سبق السيف العذل



أي ذو طرق الواحد شجن، بسكون الجيم. والشواجن، أودية كثيرة الشجر، الواحدة شاجنة. وأصل هذه الكلمة الاتصال والالتفاف. ومنه الشجنة. والشجنة، الشجرة الملتفة الأغصان. يضرب هذا المثل في الحديث يتذكر به غيره. وقد نظم الشيخ أبو بكر علي بن الحسينم الفهستاني هذا المثل، ومثلاً آخر في بيت واحد، وأحسن ما شاء وهو:
تذكر نجداً والحديث شجون ... فجن اشتياقاً والجنون فنون
وأول من قال هذا المثل ضبة بن أد بن طابخة إلياس بن مضر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سعد، وللأخر سعيد، فنفرت إبل لضبة تحت الليل فوجه ابنيه في طلبها فتفرقا فوجدها سعد فردها، ومضى سعيد في طلبها فلقيه الحرث بن كعب، وكان على الغلام بردان، فسأله الحرث إياهما فأبى عليه، فقتله، وأخذ برديه، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سواداً قال أسعد أم سعيد، فذهب قوله مثلاً. يضرب في النجاح والخيبة فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أن يمكث. ثم أنه حج فوافى عطاظ فلقي بها الحرث بن كعب، ورأى عليه بردي ابنه سعيد، فعرفهما، فقال له: هل أنت مخبري ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال: بلى، لقيت غلاماً وهما عليه فسألته إياهما فأباى علي فقتلته، وأخذت برديه هذين. فقال ضبة: بسيفك هذا. قال: نعم. فقال: فأعطنيه انظر إليه فإني أظنه صارماً. فأعطاه الحرث سيفه، فلما أخذه من يده هزه وقال: الحديث ذو شجون ثم ضربه به حتى قتله فقيل له: يا ضبة أفي الشهر الحرام؟ فقال: سبق السيف العذل. فهو أول من سار عنه هذه الأمثال الثلاثة. قال الفرزدق:
لا تأمنن الحرب إن استعارها ... كضبة إذ قال الحديث شجون
 

الحسي

رحّال الشبكة
إن غداً لناظره قريب

أي، لمنتظره. يقال: نظرته أي انتظرته. وأول من قال ذلك قراد بن أجدع، وذلك أن النعمان بن المنذر خرج يتصيد على فرسه اليحموم، فأجراه على أثر عير فذهب به الفرس في الأرض ولم يقدر عليه وانفرد عن أصحابه وأخذته السماء فطلب ملجأ يلجأ إليه، فدفع إلى بناء فإذا فيه رجل من طيء يقال له حنظلة ومعه امرأة له فقال لهما: هل من مأوى؛ فقال حنظلة: نعم. فخرج إليه فأنزله ولم يكن للطائي غير شاة، وهو لا يعرف النعمان، فقال لامرأته: أرى رجلاً ذا هيئة وما أخلقه أن يكون شريفاً خطيراً. فما الحيلة؛ قالت: عندي شيء من طحين كنت أدخرته فاذبح الشاة لأتخذ من الطحين ملة. قال: فأخرجت المرأة الدقيق فخبزت منه ملة، وقام الطائي إلى شاته فاحتلبها ثم ذبحها فاتخذ من لحمها مرقة مضيرة، وأطعمه من لحمها، وسقاه من لبنها، واحتال له شراباً فسقاه وجعل يحدثه بقية ليلته، فلما أصبح النعمان لبس ثيابه وركب فرسه ثم قال: يا أخا طيئ أطلب ثوابك، أنا الملك النعمان، قال: أفعل أن شاء الله. ثم لحق الخيل فمضى نحو الحيرة، ومكث الطائي بعد ذلك زماناً حتى أصابته نكبة وجهد وساءت حاله، فقالت له امرأته: لو أتيت الملك لأحسن إليك. فأقبل حتى انتهى إلى الحيرة فوافق يوم بؤس النعمان فإذا هو واقف في خليه في السلاح، فلما نظر إليه النعمان عرفه وساءه مكانه فوقف الطائي المنزول به. قال: نعم. قال: أفلا جئت في غير هذا اليوم. قال: أبيت اللعن، وما كان علمي بهذا اليوم. قال: والله لو سخ لي في هذا اليوم قابوس أبني لم أجد بداً من قتله، فاطلب حاجتك من الدنيا وسل ما بدا لك فإنك مقتول. قال: أبيت اللعن، وما أصنع بالدنيا بعد نفسي. قال النعمان: إنه لا سبيل إليها. قال: فإن كان لا بد فأجعلني حتى ألم بأهلي فأوصي إليهم وأهيئ حالهم، ثم انصرف إليك. قال النعمان: فأقم لي كفيلاً بموافاتك، فالتفت الطائي إلى شريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان، وكان يكنى أبا الخوفزان، وكان صاحب الردافة، وهو واقف بجنب النعمان فقال له:
يا شريكاً يا ابن عمرو هل من الموت محاله ... يا أخا كل مضاف يا أخا من لا أخا له
يا أخا النعمان فك اليوم ضيفاً قد أتى له ... طالما عالج كرب الموت لا ينعم باله
فأبى شريك أن يتكفل به، فوثب إليه رجل من كلب يقال له قراد ابن أجدع فقال للنعمان: أبيت اللعن، هو علي. قال النعمان: أفعلت قال: نعم فضمنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقة، فمضى الطائي إلى أهله، وجعل الأجل حولاً، من يومه ذلك إلى مثل ذلك اليم من قابل، فلما حال عليه الحول وبقي من الأجل يوم قال النعمان لقراد: ما أراك إلا هالكاً غداً. فقال قراد:
فإن يك صدر هذا اليوم ولى ... فإن غداً لناظره قريب
فلما أصبح النعمان، ركب في خيله ورجله متسلحاً كما كان يفعل حتى أتى الغربين، فوقف بينهما وأخرج معه قراداً وأمر بقتله فقال له وزراؤه: ليس لك أن تقتله حتى يستوفي يومه، فتركه، وكان النعمان يشتهي أن يقتل قراداً ليفلت الطائي من القتل، فلما كادت الشمس تجب وقراد قائم مجرد في أزار على النطع، والسياف إلى جنبه، أقبلت أمرأته وهي تقول:
أيا عين أبكي لي قراد بن أجدعا ... رهيناً لقتل لا رهيناً مودعا
أتته المنايا بغتة دون قومه ... فأمسى أسيراً حاضر البيت أضرعا
فبينا هم كذلك إذ رفع لهم شخص من بعيد، وقد أمر النعمان بقتل قراد، فقيل له: ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم من هو، فكف حتى انتهى إليهم الرجل فإذا هو الطائي، فلما نظر إليه النعمان شق عليه مجيئه فقال له: ما حملك على الرجوع بعد إفلاتك من القتل؟ قال: الوفاء. قال: وما دعاك إلى الوفاء؟ قال: ديني قال النعمان: وما دينك؟ قال النصرانية. قال النعمان: فأعرضها علي، فعرضها عليه فتنصر النعمان وأهل الحيرة أجمعون، وكان قبل ذلك على دين العرب، فترك القتل منذ ذلك اليوم وأبطل تلك السنة وأمر بهدم الغريين وعفى عن قراد والطائي وقال: والله ما أدري أيهما أوفى وأكرم أهذا الذي نجا من القتل فعاد أم هذا الذي ضمنه، والله لا أكون ألأم الثلاثة. فأنشد الطائي يقول:
ما كنت أخلف ظنه بعد الذي ... أسدى إلي من الفعال الخالي
ولقد دعتني للخلاف ضلالتي ... فأبيت غير تمجدي وفعالي
إني أمرؤ مني الوفاء سجية ... وجزاء كل مكارم بذال
وقال أيضاً يمدح قراداً:
ألا إنما يسموا إلى المجد والعلا ... مخاريق أمثال القراد بن أجدعا
مخاريق أمثال القراد وأهله ... فإنهم الأخيار من رهط تبعا
 

الحسي

رحّال الشبكة
رمتني بدائها وانسلت
هذا المثل لإحدى ضرائر رهم بنت الخزرج امرأة سعد بن زيد مناة، رمتها رهم بعيب كان فيها فقالت الضرة: رمتني بدائها... المثل.. يضرب لمن يعير صاحبه بعيب هو فيه.
 

الحسي

رحّال الشبكة
إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض
يروى، أن أمير المؤمنين علياً، رضي الله تعالى عنه، قال: إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة كن في أجمة، أبيض وأسود وأحمر، ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدر منهن على شيء لاجتماعهن عليه. فقال للثور الأسود والثور الأحمر: لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله، صفت لنا الأجمة. فقالا: دونك فكله. فأكله. فلما مضت أيام قال للأحمر: لوني على لونك فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة. فقال: دونك فكله. فأكله. ثم قال للأحمر: إني أكلك لا محالة. فقال: دعني أنادي ثلاثاً. فقال: افعل. فنادى، ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض .
 

الحسي

رحّال الشبكة
أطمع من أشعب
هو رجل من أهل المدينة يقال له أشعب الطماع، وهو أشعب بن جبير مولى عبد الله بن الزبير، وكنيته أبو العلاء. سأل أبو السمراء أبا عبيدة عن طمعه فقال: اجتمع عليه يوماً غلمة من غلمان المدينة يعابثونه، وكان مزاحاً ظريفاً مغنياً، فآذاه الغلمة فقال لهم: إن في دار بني فلان عرساً فانطلقوا إلى ثَمَّ فهو أنفع لكم. فانطلقوا وتركوه، فلما مضوا قال: لعل الذي قلت من ذلك حق. فمضى في أثرهم نحو الموضع فلم يجد شيئاً وظفر به الغلمان هناك فآذوه. وكان أشعب صاحب نوادر وإسناد وكان إذا قيل له حدثنا يقول: حدثنا سالم بن عبد الله وكان يبغضني في الله. فيقال له: دع ذا. فيقول: ما عن الحق مدفع. ويروى: ليس للحق مترك. وكانت عائشة بنت عثمان كفلته وكفلت معه ابن أبي الزناد فكان يقول أشعب: تربيت أنا وابن أبي الزناد في مكان واحد، فكنت أسفل ويعلو حتى بلغنا إلى ما ترون. وقيل لعائشة: هل آنست من أشعب رشداً؟ فقالت: قد أسلمته منذ سنة في البر فسألته بالأمس أين في الصناعة؟ فقال: يا أمه، قد تعلمت نصف العمل وبقي علي نصفه. فقلت كيف؟ فقال: تعلمت النشر في سنة وبقي علي تعلم الطي. وسمعته اليوم يخاطب رجلاً، وقد ساومه قوس بندق، فقال: بدينار. فقال: واله لو كنت إذا رميت عنها طائراً وقع مشوياً بين رغيفين ما اشتريتها بدينار. فأي رشد يؤنس منه. قال مصعب ابن الزبير: خرج سالم بن عبد الله بن عمر إلى ناحية من نواحي المدينة هو وحرمه وجواريه، وبلغ ِأشعب الخبر فوافى الموضع الذي هم به يريد التطفل فصادف الباب مغلقاً، فتسور الحائط فقال له سالم: ويلك يا أشعب من بناتي وحرمي. فقال: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق، وإنك لتعلم ما نريد. فوجه إليه من الطعام ما أكل وحمل إلى منزله. وقال أشعب: وهب لي غلام فجئت إليه من الطعام ما أكل وحمل إلى منزله. وقال أشعب: وهب لي غلام فجئت إلى أمي بحمار موقور من كل شيء والغلام فقالت أمي: ما هذا الغلام؟ فأشفقت عليها من أن أقول وهب لي فتموت فرحاً فقلت: وهب لي غين. فقالت: وما غين؟ قلت: لام. قالت: وما لام؟ قلت: ألف. قالت: وما ألف؟ قلت: ميم. قالت: وما ميم؟ قلت: وهب لي غلام. فغشي عليها فرحاً ولو لم أقطع الحروف لماتت. وقال له سالم بن عبد الله: ما بلغ من طمعك؟ قال: ما نظرت قط إلى اثنين في جنازة يتساران إلا قدرت أن الميت قد أوصى لي من ماله بشيء؛ وما أدخل أحد يده في كمه إلى أظنه يعطيني شيئاً. وقال له ابن أبي الزناد: ما بلغ من طمعك؟ فقال: ما زفت بالمدينة امرأة إلا كسحت بيتي رجاء أن يغلط بها إلي. وبلغ من طمعه أنه مر برجل يعمل طبقاً فقال: أحب أن تزيد فيه طوقاً. قال: ولم؟ قال: عسى أن يهدى إلي فيه شيء. ومن طمعه أنه مر برجل يمضغ علكاً فتبعه أكثر من ميل حتى علم أنه علك. وقيل له: هل رأيت أطمع منك؟ قال: نعم! فقلت: الكاذب منا كذا من الراهب في كذا منه. فنزل الراهب وقد انعظ وقال: أيكما الكاذب؟ ثم قال أشعب: ودعوا هذا، امرأتي أطمع مني ومن الراهب. قيل له: وكيف؟ قال: إنها قالت لي: ما يخطر على قلبك من الطمع شيء يكون بين الشك واليقين إلا وأتيقنه.
 

الحسي

رحّال الشبكة
على أهلها تجني براقشكانت براقش كلبة لقوم من العرب، فأغير عليهم فهربوا ومعهم براقش، فاتبع القوم آثارهم بنباح براقش فهجموا عليهم فاصطلموهم. قال حمزة ابن بيض:
لم تكن عن جناية لحقتني ... لا يساري ولا يميني رمتني
بل جناها أخ علي كريم ... وعلى أهلها براقش تجني
وروى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قال: إن براقش امرأة كانت لبعض الملوك فسافر الملك واستخلفها، وكان لهم موضع إذا فزعوا دخنوا فيه فإذا أبصره الجند اجتمعوا، وإن جواريها عبثن ليلة فدخن فجاء الجند فلما اجتمعوا قال لها نصحاؤها: إنك أن رددتهم ولم تستعمليهم في شيء ودخنتهم مرة أخرى لم يأتك منهم أحد. فأمرتهم فبنوا بناء دون دارها. فلما جاء الملك سأل عن البناء فأخبروه بالقصة فقال: على أهلا تجني براقش. فصارت مثلاً. وقال الشرقي بن القطامي: براقش امرأة لقمان بن عاد، وكان لقمان من بني ضد، وكانوا لا يأكلون لحوم الإبل، فأصاب من براقش غلاماً فنزل مع لقمان في بني أبيها فأولموا ونحروا الجزر، فراح ابن براقش إلى أبيه بعرق من جزور فأكله لقمان فقال: يا بني ما هذا؟ فما تعرفت قط طيباً مثله. فقال: جزور نحرها أخوالي. فقال: وإن لحوم الإبل في الطيب كما أرى. فقالت براقش: جملنا واجتمل. فأرسلتها مثلاً. والجميل، الشحم المذاب. ومعنى جملنا، أي أطعمنا الجميل. واجتمل، أي أطعم أنت نفسك منه. وكانت براقش أكثر قومها إبلاً فأقبل لقمان على إبلها فأسرع فيها وفي إبل قومها، وفعل ذلك بنو أبيه لما أكلوا لحوم الجزور فقيل: على أهلها تجني براقش. يضرب لمن يعمل عملاً يرجع ضرره إليه.
 

الحسي

رحّال الشبكة
في الصيف ضيعت اللبن
ويروى: الصيف ضيعت اللبن. والتاء من ضيعت مكسورة في كل حال إذا خوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع، لأن المثل في الأصل خوطبت به امرأة، وهي دختنوس بنت لقيط بن زرارة، كانت تحب عمرو ابن عمرو بن عدس، وكان شيخاً كبيراً ففركته فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، وأجدبت فبعثت إلى عمرو تطلب منه حلوبة فقال عمرو أفي الصيف صنعت اللبن، فلما رجع الرسول وقال لها ما قال عمرو ضربت يدها على منكب زوجها وقالت: هذا ومذقه خير. تعني أن هذا الزوج مع عدم اللبن خير من عمرو. فذهبت كلمتاهما مثلاً. فالأول يضرب لمن يطلب شيئاً قد فوته على نفسه، والثاني يضرب لمن قنع باليسير إذا لم يجد الخطير، وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاق كان في الصيف، أو أن الرجل إذا لم يطرق ماشيته في الصيف كان مضيعاً لألبانها عند الحاجة.
 

الحسي

رحّال الشبكة
جزاء سنمار

أي، جزائي جزاء سنمار، وهو رجل رومي، بني الخورنق الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتاً، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثله لغيره. فضربت العرب به المثل لمن يجزي بالإحسان الإساءة. قال الشاعر:
جزتنا بنو سعد بحسن فعالنا ... جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
ويقال: هو الذي بنى أطم أحيحة بن الجلاح، فلما فرغ منه قال له أحيحة: لقد أحكمته. قال: إني لأعرف فيه حجراً لو نزع لتقوض من عند آخره. فسأله عن الحجر، فأراه موضعه، فدفعه أحيحة من الأطم فخرّ ميتاً.
 

الحسي

رحّال الشبكة
جوع كلبك يتبعك

ويروى، أجع كلبك. وكلاهما يضرب في معاشرة اللئام وما ينبغي أن يعاملوا به. قال المفضل: أول من قال ذلك ملك من ملوك حمير كان عنيفاً على أهل مملكته، يغصبهم أموالهم، ويسلبهم ما في أيديهم. وكانت الكهنة تخبره أنهم سيقتلونه فلا يحفل بذلك. وإن امرأته سمعت أصوات السؤال فقالت: إني لأرحم هؤلاء لما يلقون من الجهد ونن في العيش الرغد، وإني لأخاف عليك أن يصيروا سباعاً وقد كانوا لنا أتباعاً. فرد عليها: جوع كلبك يتبعك. وأرسلها مثلاً. فلبث بذلك زماناً، ثم أغزاهم فغنموا ولم يقسم فيهم شيئاً، فلما خرجوا من عنده قالوا لأخيه وهو أميرهم: قد ترى ما نحن فيه من الجهد، ونحن نكره خروج الملك منكم أهل البيت إلى غيركم فساعدنا على قتل أخيك واجلس مكانه، وكان قد عرف بغيه واعتداءه عليهم فأجابهم إلى ذلك، فوثبوا عليه فقتلوه. فمر به عامر بن جذيمة وهو مقتول، وقد سمع بقوله: جوع كلبك يتبعك. فقال: ربما أكل الكلب مؤدبه إذا لم ينل شبعه. فأرسلها مثلاً.
 

الحسي

رحّال الشبكة
تربت يداك​

قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا قل ماله، قد ترب. أي افتقر حتى لصق بالتراب. وهذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها ولا يريدون وقوع الأمر. ألا تراهم يقولون: لا أرض لك. ولا أم لك. ويعلمون أن له أرضاً وأما. قال المبرد: سمع أعرابي في سنة قحط بمكة يقول:
قد كنت تسقينا فما بدا لكا ... رب العباد ما لنا ومالكا
أنزل علينا الغيث لا أبا لكا
قال: فسمعه سليمان بن عبد الملك فقال: أشهد أنه لا أبا له ولا أم ولا ولد.
 

الحسي

رحّال الشبكة
تأبى له ذلك بنات ألببي
قالوا: أصل هذا أن رجلاً تزوج امرأة وله أم كبيرة فقالت المرأة للزوج: لا أنا ولا أنت حتى تخرج هذه العجوز عنا. فلما أكثرت عليه احتملها على عنقه ليلاً، ثم أتى بها وادياً كثير السباع، فرمى بها فيه ثم تنكر لها، فمر بها وهي تبكي فقال: ما يبكيك يا عجوز؟ قالت: طرحني ابني ههنا وذهب، وأنا أخاف أن يفترسه الأسد. فقال لها: تبكين له وقد فعل بك ما فعل هلا تدعين عليه قالت: تأبى له ذلك بنات ألببي. قالوا: بنات ألبب عروق في القلب تكون منها الرقة. قال الكميت:
إليكم ذوي آل النبي تطلعت ... نوازع من قلبي ظلماء وألبب
 

الحسي

رحّال الشبكة
تركته تغنيه الجرادتان
يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودعة. والجرادتان، قينتا معاوية بن بكر، أحد العماليق. وأن عاداً لما كذبوا هوداً عليه السلام توالت عليهم ثلاث سنوات لم يروا فيها مطراً فبعثوا من قومهم وفداً إلى مكة، ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قيل برعنق، ولقيم بن هزال، ولقمان بن عاد. وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق، وهم بني عمليق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر. فلما قدموا، نزلوا عليه، لأنهم كانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهراً. وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم فنسوا قومهم شهراً فقال معاوية: هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً. فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه، وهو:
ألا يا قيل ويحك قم فهينم ... لعل الله يبعثها غماما
فيسقي أرض عاد إن عادا ... قد أمسوا لا يبينون الكلاما
من العطش الشديد فليس ترجو ... لها الشيخ الكبير ولا الغلاما
وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم أيامى
وإن الوحش يأتيهم جهارا ... ولا يخشى لعاديٍّ سهاما
وأنتم ههنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التماما
فقبح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحية والسلاما

فلما غنتهم الجرادتان بهذا، قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم. فقاموا ليدعوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء أن سلوا ما شئتم فتعطون ما سألتم. فدعوا ربهم واستسقوا لقومهم فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء. ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب. فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة، وهي أكثرها ماء، فاختارها. فنادى منادٍ: قد اخترت لقومك رماداً رمدا لا تبقي من عادا أحدا، لا والداً ولا ولداً. قال وسير الله السحابة التي اختارها قيل إلى عاد. ونودي لقمان: سل. فسأل عمر ثلاثة أنسر غأعطي ذلك. وكان يأخذ فرخ النسر من وكره فلا يزال عنده حتى يموت. وكان آخرها لبد وهو الذي يقول فيه النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد
 

الحسي

رحّال الشبكة
التثبت نصف العفو
دعا قتيبة بن مسلم برجل ليعاقبه فقال: أيها الأمير التثبت نصف العفو. فعفا عنه، وذهبت كلمته مثلاً.
 
أعلى